السبت، 10 أكتوبر 2015

التعليم و بناء الدولة


التعليم و بناء الدولة

أPicture 026.jpgأ
أن بناء الدولة المتحضرة المتطورة و المتقدمة تقدم مستمر و ذات قوة و سيادة يعتد بها في الساحة العالمية لا يكون و لا يخرج إلا بمنظومة تعليمية على مستوى عالي راقي متناسق مع هيكل أعراق و طوائف الدولة و دياناتهم هذا من جانب نوعية و أسلوب السير بالعملية التعليمية ؛ و من جانب أخر كيفية العرض من العملية و الغرض منها و التي يتحكم فيها ملائمة خطة الدولة لمشروعاتها الاقتصادية الحالية و المستقبلية  في تخطيط افتراضي مرحلي لا يقل عن ربع قرن من الزمان .
و لكى يتضح محتوي الجمل السابقة فأنى  سأوضح بأمثلة حية  عاصرناها و منها هذا الرجل الذى أعده فذ و عبقري القرن العشرين  " مهاتير محمد " الذى سعى لينهض ببلاده ماليزيا المتعددة الأعراق و الديانات و الطوائف و كانت مدرجة في دول العالم الثالث التي يعتمد اقتصادها على الرتابة و الكسل المرافق للزراعة ؛ و بعد دراسة و فكر و جد القائد " مهاتير محمد "  أن التعليم المرفق بالأخلاق في الأتقان و الأخلاص هو كلمة السر في تحول بلاده إلى عملاق اقتصادي و نمر من النمور الأسيوية التي لم يفت عضد اقتصادها عبثيات اللعب في البورصات ؛ و كان " مهاتير محمد " ذكياً حينما أخذ الكثير من نموذج نمطية التربية الخلقية و التعليم  اليابانية  هذا لأن لديه في مجتمع بلاده شريحة بوذية و غالبية أسلامية و أقلية مسيحية و أعتمد علي الديانتان الأسلام و المسيحة  في ترسيخ الجانب  الأخلاقي  في الوعي الجمعي لدى شعب بلاده ؛ و هذا لم يكن شعارات أو أعلام أو خطب مرسلة بلى شيء عملي ترصد له ميزانيات  من الدخل العام للدولة حتى وصل إلى 23% من موازنة الدولة في أوج تطور و نهوض ماليزيا التي كانت زراعية و لا ينفق على التعليم من الموازنة العامة إلا حوالى 1% .
و هناك مثال ثاني لنمر  أسيوي أعتمد على نتيجة واحدة للتعليم و البحث العلمي في ثبات منظومته الاقتصادية و هذا  البحث تتميز به كوريا الجنوبية على جميع دول العالم بتكنولوجيا شاشة البلازما و تطويرها المستمر .
و أننا في مصر لكى يكون لدينا تعليم ينهض بها لابد  أن ندير عملية تعليمية  في النوع و الكيفية تتناسب مع مجتمعنا و ما به من الطوائف و الأعراق و الديانات و لا مانع من محاكاه الأفضل منا إذا  كانت تجاربه لا تتعارض مع  هويتنا و ديننا المترسخ في عموم الشعب  و نأخذ بعين الاعتبار مراجع أستاذ التربية في جامعة عين شمس في منتصف القرن الماضي " د. عبد الغنى عبود " الذى بحث و محص العائد المادي للعملية التعليمية ذات النوعية الراقية و الكيفية المثمرة و المرتبطة باستثمارات الدولة الاقتصادية  و أثبت أنها تصل إلى 11 ضعف المنفق على الخريج و تعد في حد ذاتها استثمار في الطالب نفسه هذا بخلاف المردود العام على الحركة الاقتصادية للمجتمع و التي يتحكم فيها نوع الأدارة  و مدى نجاحها في توظيف جميع أدوات الاستثمار للحصول على أفضل مردود ؛ كما أن هذا العالم الفذ " د. عبد الغنى عبود " تعرض للإيديولوجيات و نظم التربية و تنبأ بمصير عدد من الإيديولوجيات  و وضح  أسباب انحدارها ففي الإيديولوجية  الشيوعية التي تتمتع بنظم تعليمية صارمة  كانت نتيجتها تقدم علمي مذهل و لكن أغفال تلك الإيديولوجية  طبيعة البشر لحب الامتلاك  و أطلاق العنان للتفسخ الأخلاقي  جعله يتنبأ بانهيار المنظومة الشيوعية  بأكملها و تراجع المستويات العلمية فيها و أن كان سيستغرق وقت و نحن الأن نعيش عصر تراجع و اندثار الشيوعية ؛ و في الإيديولوجية الرأسمالية كان أطلاق الحافز الفردي للعنان  سبب أخر في النهوض العلمي و لكن الفراغ الأخلاقي هو معول الهدم في المنظومة الرأسمالية التي بدأت بالفعل تعانى من أزمات اقتصادية تنذر بزوالها  كما تعرض للتعليم الكنسي الذى يعوقه الجمود و الانغلاق و التعليم الأسلامي الذى بدأ في المسجد و وصل إلى قمة نموذج أول جامعة تعرفها البشرية بصورتها المتعارف عليها و الموجودة الأن   على يد فاطمة  الفهرية في القيروان و ما تراجع العالم الأسلامي إلا بتخليه عن جوهر دينه الذى يكمن في مكارم الأخلاق و لم يبقى له من أسلامه إلا رسمه و صورته  
فمتى نرى تعليم مشمول بتربية أخلاقية ذا جودة عالية و صلة بمجتمعاتنا و شخصيتنا يتفتق عنه نهوض فعلى لبلادنا ؟
و هل نملك الأرادة و السيادة و القرار في ذلك ؟  
عندي شكوك كثيرة مسببة

أن الدول التى لا يقدر فيها الأنسان و لا يشجع فيها كل ذى قيمة و ليس فيها نظرة مستقبلية لأمة تجد حكامها يهتمون بالموارد فقط و لو على حساب كنونة الوطن و المواطنين و من هنا تجد أن الأجور دون المستويات العالمية بينما الخدمات الحكومية و المواد التموينية بالأسعار العالمية و هذه القراءة من هذه الزاوية توضح للمراقب و الملاحظ فى الشئون السياسية و الأحوال الداخلية أن مثل هذا البلد لا يرجى له مستقبل و لا تطور و إذا تعمق المراقب و الملاحظ فى النظر للتعليم و العملية التعليمية و أركانها و أيدولوجياتها يجد أن صيانة الأبنية التعليمية يتم بصورة فاسدة عاجزة لا تفى بالمطلوب على وجه متكامل هذا فضلاً أن المواليد الجد حسب نسبتهم المسجلة منذ عقود يحتاجون إلى ألف مدرسة جديدة سنوياً و هذا لا يحدث كما أن جودة التعليم قد تكون متوفرة بمصروفات لخدمة أيديولوجيات خارجية أما التعليم الذى يخص البلد فأن الطالب الذى هو الهدف و العمود الذى تقام عليه العملية التعليمية محبط لا يرى لنفسه مستقبل يرجى و ولى الأمر الراعي للطالب مكبل مثقل بالأعباء الحياتية الصعبة و الكتاب و المادة العلمية صعب المنال معد بأسلوب و إيدلوجية غريبة عن الدين و الهوية و الجذور للشعب و مدى ملائمته للاستيعاب و الأقناع و التأثير محدودة و الأستاذ المفترض أنه المحرك لعملية التعليم و التطوير و التثقيف لا تقدم له حياة كريمة و واقع تحت ضغوط تؤثر على مدى محافظته على شخصيته و كرامته و المبادئ الأخلاقية السامية التى يجب أن يكون عليها و يعانى تشت و صراع داخلي خارجي و بالتالي فلن يقدم شيء ذا جودة عالية و لن نقول إلا لنا الله فهو المطلع و نرجو رحمته و فضله

ليست هناك تعليقات: