الأحد، 31 يناير 2016

الأمني و الدبلوماسي و التجربة


الأمني و الدبلوماسي و التجربة
Picture 026.jpg
أن خيار الحل الأمني لمشكلة التمرد أو الاختلاف الإيدلوجياً لا يجدي نفعاً و لا يأتي بنتائج إيجابية إلا عندما تكون بؤرة التمرد محدودة الانتشار و أواصر ارتباطها و تغذيتها اللوجستية و التسليحية معلومة و محدودة ؛ و كذلك الامر لجماعة الاختلاف الإيدلوجيا عندما  تكون محدودة في عدد النشطاء و المؤيدين و الداعمين لها .
أما إذا كانت مشكلة التمرد واسعة الانتشار و ذات بؤر عنقودية منظورة و غير منظورة و مرتبطة بالمعلن و الخفي من روافد الدعم اللوجستي و التسليح ؛ و عندما تكون جماعة الاختلاف الإيدلوجيا واسعة الانتشار و يصعب حصرها و حصر نشطائها فضلاً عن مؤيديها و الداعمين لها فإن خيار  المواجهة الأمنية كقرار من سلطة القيادة و السيطرة يعد صنف من أصناف الانتحار و الأقدام على التهالك و الاستنزاف  و أن زوال سلطة القيادة و السيطرة قادم لا محالة و يحكم ذلك عوامل الوقت و برمجيات التنفيذ و تسلسل خطواته ليس إلا و لا يؤخر ذلك أو يوقفه إلا قراءة دبلوماسية  دقيقة للمواقف و أبعادها و حسابات سليمة للمكسب و الخسارة المادية قبل المعنوية لأن قوام أي سلطة مهيمنة مال و سلاح ثم من بعد قراءة جيدة و حسابات دقيقة على أساسهما شروع في مفاوضات فيها تنازلات لن تصل بأي حال من الأحوال إلى الخسائر المادية و المعنوية في الخيار الأمني و قد تطيل عمر السلطة أو تبقيها بشروط الأخذ و العطاء .
و قد يكون ما أسلفت من كلمات و جمل مجمل مبهم يحتاج إلى تدليل و نماذج تاريخية للتصديق عل صحته من عدمها
فبالنسبة للتمرد المحدود كان جماعة بادر و ما ينهوف  اليسارية الألمانية العنيفة ذات التوجه للدعم الإنساني للمقهورين و المغلوبين على أمرهم و دعمت القضية الفلسطينية بعمليات نوعية و لكنها لم تستطيع استقطاب اليسار الألماني فحلت نفسها مع أصرارها على الفخر بمجيد أعمالها و تاريخها و نفس الشيء و المصير كان للألوية الحمراء الإيطالية و الجيش الأحمر الياباني .
أما بالنسبة للتمرد واسع الانتشار نجد بريطانيا الدولة النووية و ذات التسليح النوعي بالنسبة لمعظم جيوش العالم و التدريب فوق الفائق كان لديه المشكلة الأيرلندية الشمالية و الجيش الجمهوري الأيرلندي  و ما استمرت في مواجهته أمنياً بل دخلت في مفاوضات مع الشين فين بزعامة جري آدمز و هو الجناح السياسي للتمرد لتوقف التفجيرات و تجمد أسباب الصراع و الأزمة و تمضى بريطانيا كدولة قوية في قدراتها الاقتصادية و السياسية على الساحة الدولية .

كما أن أسبانيا التي تأجج فيها حرب أهلية في النصف الثاني من القرن الماضي و نزعات انفصالية تم علاجها بصورة عسكرية دكتاتورية على يد الجنرال فرانكو الذى حفر لنفسه أخدود من ألم و مرارة في تاريخ هذا البلد يسمى حقبة الفرانكزم  كمرادف للدكتاتورية و التعسر الاقتصادي و لكن عندما تسلم المدنيين دفة قيادة البلاد قفز هذا البلد إلى المرتبة 15 كأقوى اقتصاد عالمي مع استمرار نعرات الانفصال و التمرد كإيتا في أقاليم الباسك  و المجاهرة الانفصالية في إقليم  كتالونية و مطالبات غجر الخيتانو بحقوق لهم إلا أن الدبلوماسية مازال فيها متسع و عندها المقدرة على احتواء كل ذلك و اظهار أسبانيا كدولة واحدة و وحدة مهمة في الوجود الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي العالمي .    

ليست هناك تعليقات: