الخميس، 9 يونيو 2016

محاولة ملحد

 محاولة ملحد
 Picture 026.jpg
جلست في أحد الأيام الخوالي بمكان عام ألتمس الأنس و طمأنينة القلب في ترتيل القرآن الكريم بصوت مسموع فداهمني عن عمد أحدهم متجهم قسمات الوجه يسحب أنفاس دخان سيجارته بعنف المثار الأعصاب موجهاً لي الكلمات

قائلاً : -  ليس هناك أسلام مطبق على وجه الأرض حتى في المملكة العربية السعودية التي هي رمز الأسلام و لا يوجد تطبيق للأسلام في مصر و لا حتى في أي دولة يقال أنها دولة أسلامية في أي مكان في العالم  و لا حتى بيننا أتدرى لماذا لا يوجد أسلام في هذه الأيام ؟

و قد كنت طوال ألقاء كلمات حديثه مفترسا لوجهه  مستغرقاً في تكوين فكرة عن شخصيته و سرعان ما انتبهت على السؤال الذى طرحه قبل صمته الاستفهامي و تمنيت أن يسترسل حتى تكتمل صورته عندي و كانت أجابتى لا أدرى .  فأستمر

قائلاً : - أن القرآن هو الكتاب الحق الذى نزل من فوق سبع سماوات و جاء به النبي محمد صلى الله عليه و سلم و هناك كتب ظهرت بعد القرآن ألفها رجال تم أضفاء صبغة علماء و فقهاء عليهم و هم ليسوا بمعصومين من الخطأ و النسيان أو الرمي بالبهتان أو أتباع الهوى لأغراض في أنفسهم مما نتج عنه الانحراف بالأسلام  ظهور التطرف الذى يعانى منه المسلم قبل غير المسلم .

فقلت : - على ما يبدوا أنك مثقف و مطلع على علوم و معارف كثيرة .

فقال : -  هذا فضلاً عن أنى زجال و شاعر و راح يقارع سمعي ببعض زجله .

فقلت : - ما هذه الكتب التي ظهرت بعد القرآن و تسببت في التطرف ؟

فأشعل سيجارة جديدة و أخذه زهو الثقة بالنفس و

قال : - ككتب بن كثير و البخاري و مسلم و الفقهاء الملقبين بالأربعة و بينهم اختلافات كثيرة و غيرهم .

فاكتملت صورته عندي و ابتسمت ابتسامة هادئة ممزوجة بالاستهجان و السخرية منه و كان ما أصنعه دون كلمة واحدة مباغت له ترك آثار اهتزاز الثقة بالنفس عليه  و .

قلت : - لقد سمعت طويلاً منك و قطعت على الأنس و الطمأنينة مع القرآن و قد آن الأوان لأن تسمعني  ؛  أن الأسلام الذى نحيا به و عليه نموت
 مبنى على ركيزتين أساسيتين كتاب الله القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة و قد أقررت أنت بالقرآن الكريم فمن أين لي بالسنة ؟

فقال : - ما يقال عنه سنة تأليف في تأليف .

فقلت : - لا تقاطعني و ألتزم الصمت حتى أنتهى من كلماتي و أنت المطلع المثقف و الزجال و الشاعر ألم تلتقى بمجلد الطبقات لأبن سعد الذى يذكر رجالات العرب و قدرهم و أحوالهم في مجتمعاتهم و مدى مصداقيتهم و وجاهتهم من عدمها و ذاكرتهم من قوة و ضعف أو نسيان و ما قالوه من أرتجا زات أو شعر ؟ ألم تقرأ سيرة أبن هشام و هي تنتهج نفس النهج من رجالات العرب ؟ و دعك من أبن سعد و أبن هشام ألم يمر عليك كتاب الأغاني لأبو الفرج الأصفهاني الذى يصف حال الرجال أيضاً ؛ على العموم الغرض من كل استفهاماتي أن أحيطك علم بأن العرب لديهم علم يسمى علم الرجال الذين نقلوا لنا الحقائق الموثقة بقدر عالي من المصداقية  مما يجعلنا نقول أن التاريخ الأسلامى هو التاريخ الوحيد المبنى على التوثيق أما باقي التاريخ في الشرق و الغرب فهو ما بين الحقيقة و الخيال و تأليف مؤلف كما وصفت بل نستطيع أن نقول أنها أساطير  و الذى لا تعرفه عن أبن كثير و الصحيح هو أبو الفداء أسماعيل بن كثير القرشي يعد باحث أكاديمي من الطراز الفريد الذى قل ما تجد مثله في عصرنا الحالي الذى ندعى أنه عصر علم و تنوير ؛ كما أن علماء الحديث يعتمدون على ذكرته لك من علم الرجال و يدققون و يفحصون المتن المعروف عندنا بأسلوب أدراج الكلمات في جمل معبرات و أسلوب الرسول صلى الله عليه و سلم معروف فإذا كانت كلمات الحديث مطابقة لأسلوبه أخذ بها و بحث في علم الرجال عن مصداقية الرجال الذين نقلوه و معاصرة بعضهم لبعض و التقائهم و وقوع التحادث بينهم .

و بناء على القرآن الكريم الذى تقره فقد و رد فيه " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا [ 21 ]  من سورة الأحزاب مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا < 80 > من سورة النساء

فكيف  لنا التعرف على كيفية و هيئة و صحة الصلاة و الزكاة و الصوم و المواريث و الزواج و كل أركان ديننا و حياتنا إلا من أقوال و أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم أو ما أقره و سكت عنه حينما حدث أمامه و هنا أقول لك بالفم المليء لا تقل ليس لنا حاجة بأبن كثير  أو البخاري أو مسلم أو الترمذي أو أبو داود أو النسائي أو الأئمة مالك و الشافعي و أبو حنيفة النعمان و أبن حنبل أو أي عالم من هؤلاء العلماء الأفاضل  الذين نذروا أنفسهم لدين الله و شرعه لأن بذلك  غايتك واضحة  و معروفة و مفهومة ألا و هي الطعن في الأسلام خطوة خطوة بالتحذلق و التشدق و أدعاء العلم و المعرفة و أنت تلتف على السنة كخطوة أولى ثم ستحاول فيما بعد الطعن في القرآن نفسه و بذلك يصور لك عقلك الملحد أنك قضيت على الأسلام و هيهات هيهات أن تفلح و دعني و شأني و ما أنا فيه و أنصرف بدخان سيجارتك التي تقتلك و تصيبني ببعض الضرر و لا أقول إلا أللهم يهديك و يهدى منْ هم مثلك .



ليست هناك تعليقات: