الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

رؤية سلبية


رؤية سلبية

إذا ما نظرت إلى نسبة المشاركة فى الفعاليات السياسية سواء فى تونس أو مصر من عموم جماهير الشعب نجدها لا تصل فى أفضل أحوالها إلى 40% من قوى الشعب التى يحق لها الممارسة الفعلية و حاولت أن أستشف ذلك من أحد معارفى المثقفين الجادين  المجتهدين فى التخطيط لحياتهم و بذل أفضل المحاولات و الأساليب للتغلب على كل مشكلات حياته و لكنه دائماً  لا يشارك فى الفعاليات السياسية سواء بأبداء الرأى عند النقاش أو فى التصويت عند الأستفتاءات أو الأنتخابات و توجهت له بالسؤال رؤية
لماذا يا أخى لا تشارك فى الحياة السياسية من قريب أو بعد أو حتى على الهامش ؟ 
فكان رده فى غاية الغرابة بالنسبة لى حيث أنه قال لى أن السياسة للسياسيين و صفوة القوم يتربحون من ورائها الأموال و المناصب و الجاه و يتصارعون فيما بينهم عليها و وقودها صغار المغرر بهم أو المستأجرين أو قل صبيان أصحاب الشأن و بدون شك سوف أساهم فى الحياة السياسية إذا وصلت إلى حالة واحدة ألا و هى تغطية صراعات السياسيين و الصفوة على مسيرة حياتى و أصبح التعاطى مع حل مشاكلى اليومية أمر مستحيل فعندئذ سترانى أحمال ما تيسر لى من سلاح لأنتزع حقى فى الحياة من براثن هؤلاء الذين يضيعونها منى و أنا عندهم لا شئ و لم تراعى لى حقوقى الطبيعية فى الحياة .
فقلت له أنك شديد التطرف أما يسار فيه صمت مطبق و عزوف عن كل شئ أو يمين راديكالى عنيف دموى ليس هنا وسط عندك ؟
فقال لى ما من أنسان فى هذه الحياة يتحرك بدون هدف أو تخطيط و كما أوضحت لك من هم السياسيين فإننى أشبهم  كصياد الحيوانات النافعة فى غابة مملؤة بالضوارى فإن لم يحسب حساب هذه الضوارى فإنه قد يتحول إلى فريسة بسهولة و السياسى لا يصارع غريمه أو منافسه السياسى فحسب بل عليه أن يأمن غضبة من تولى أمره و ينتظر منه يسره و غده و مستقبله و حل كل مشاكله أو حتى بعضها على الأقل فإن لم يفعل فإنه لا محالة فى مهب ريح عاصفة تأخذه إلى الزوال أن لعبة السياسة لعبة خطرة صعبة المراس سواء للقائد أو مجموعته و لا بد أن يستحدث فيها الأليات الجديدة الفريدة يومياً للسيطرة على المواقف و أدارة الدولة و أحتواء المنافسين و أرضاء الغاضبين الحانقين و التقدم للأمام و تحقيق نقاط تؤهل للثبات و تفتح الباب للأستمرار فى موقع القيادة و السلطة  .
و هنا أتضحت لى صورة ما يجرى فى تونس و مصر فإنه فى تونس توافق بين القوى السياسية و كل قوة أخذ دورها المناسب لها و المكافأ لحجمها و لكن الدولة العميقة لم تتركها و شأنها فى الوصول لأمثال هذه الشريحة السلبية المتطرفة الفهم و الفكر و التى يمكن أن تنفجر كبركان فى و جه السلطة بعرقلة مسيرة الثورة فى توطيد أركان الدولة و الشروع فى الحلول التى بها تستب الأمور و الدولة العميقة تظن فى نفسها أنها قادرة على ذلك و تستعجل النتائج بحرق مقار حزاب النهضة الذى بيده السلطة و تعمل على أسقاط هيبة رموز الحكم و تأليب المعوزين على السلطة الجديدة و أظنها لن تنجح فى شئ مع بعض الحنكة السياسية و الكياسة فى أدارة الأمور و فى مصر الأمر مشابه تماماً و يزيد فى صعوبته أن بعض القوى السياسية لم تقنع بحجمها و لا بدورها و تزايد و تغامر بسمعتها و تاريخها السياسى و وجودها على الساحة و زيادة التأييد الشعبى لها بأنخراطها فى أداء مخططات الدولة العميقة و بالقطع لن ينجحوا و لن تنجح الدولة العميقة و الأيام كفيلة بالبرهنة على ما أقول به و أنا متأكد و مقتنع .

ليست هناك تعليقات: