تنفيذ القرار و ما يسبقه
أننا نعيش في عالمنا اليوم تنفيذ قرارات
تتنافى مع أدنى المعاير القويمة و المنطق
السليم ؛ و لعل من أبرز القرارات التي تنفذ من هذا النوع كفعل هو قيام شاب في
مقتبل العمر بتفجير نفسه ليقتلها و يقتل معه أخرين آمنين مطمئنين أبرياء لم
يبارزوه العداء ؛ و كرد فعل لهذا الفعل نجد الإدانة و الشجب و
الاستنكار و الاستهجان و قد يصل الأمر إلى السب و اللعن و الشتم .
و إذا ما أعملنا الفكر و العقل و المنطق و
التحليل لكلاً من الفعل و رد الفعل نجد أن صاحب الفعل أحد أمرين أولهما غض غرير مقبل على الروحانيات و التواصل
مع القوى المطلقة التي أبدعت هذا الكون الفسيح المترامي الأطراف و
أوجدته في هذا الكون الذى يدرك أنه فيه ضعيف أو أقرب إلى الصفر في المعادلة
و يفتقد صاحب الفعل مجتمع و قيادة مجتمعية توجه و ترشد إلى القويم السليم و عوضاً
عن ذلك تتلقفه عصابات معطوبة الفكر و المنطق تبحث عن حيثية وجود و سلطة تسلط و
جبروت مهاب الجانب في هذا العالم و تقوم بالسيطرة على فكره و عقله و روحانياته و
توجهه حتى يستسيغ قتل نفسه و قتل الأخر معه . ؛ و الأمر الثاني أن يكون هذا الشاب
صاحب الفعل في بداية شأنه سوى مقبل على الحياة طموح يتناغم في فكره و عقله الآمال
و الأحلام الوردية و لكنه يصدم بمجتمع و قيادات مجتمعية تنتزع منه كل ذلك و تكلمه
في ذويه و المقربين إليه و الأصحاب و الأحباب فيتحول إلى كتلة متأججة من الحقد و
الكراهية و النقمة فيقدم على تنفيذ قرار الانتقام اليائس من كل شيء فيقتل نفسه و
يقتل الأخر معه .
و رد
الفعل بالإدانة و الشجب و الاستنكار و الاستهجان و السب و اللعن و الشتم فيه
الكثير من السذاجة و أن كان يسلط الضوء على مشكلة
ما و الاجدر برد
الفعل أن يكون دراسة تحليلية دقيقة على أسس أكاديمية تحدد منافذ الثغرات
التي يولد منها شاب قاتل لنفسه و قاتل للأخر
في تفجير أو ما نطلق عليه " أرهاب
" .
و رؤيتي الخاصة تحمًل المجتمع و القيادات المجتمعية الجزء
الأكبر في ميلاد هذا النوع من الأرهاب و تغوله و أنتشاره حتى صار عالمياً و ليس
مقصور على مكان محدد و ما يجب عمله كرد
فعل و بكل جد و همة على وجه السرعة هو
أطلاق العنان في كل أفق و في كل أتجاه لعلماء الدين للتعريف بصحيح الدين و
الروحانيات التي لا تبيح القتل إلا في حدود معروفة مشرعة و مقننة و يجب على علماء الدين أن ينزلوا من على
كراسيهم العاجية و يختلطوا بالنشأ و يحتوهم و يشبعوا نهم رغبتهم في المعرفة
القويمة و السليمة لصحيح الدين ؛ و على جانب أخر يجب على القيادات المجتمعية توخى
الحذر و الحيطة من استفحال المظالم بقطع الطريق عليها ببتر كل بيئة تسمح بظهورها
أو تكون مهد لاحتضان عتاة الظلمة و بدلاً
من قهر الضعفاء و المستضعفين يعملوا على عقد وشائج ود
و حب بين طبقات المجتمع التي و بدون شك فيها
تباين في مستويات المعيشة و الحظوظ من
الحياة التي يطمح إليها الأنسان و يتمنها لنفسه
. ؛ و إذا ما تمت هاتان الخطوتان السابقتان بمصداقية و نجاح فإننا سنلحظ تراجع
أحد أبرز مظاهر الأرهاب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق