الثلاثاء، 31 يناير 2012

الملائمة والموائمة


الملائمة و الموائمة

هب أننى رجل ثرى مسلم متدين صالح معروف عنى فى ناحيتى أن دارى بها أصناف و ألوان من الطعام كما أننى أحب التقرب إلى الله بالنوافل و أدعوا إلى حسن عبادته و فى ناحيتى أيضاً جماعة من الناس مستهم الفاقة و الجوع و تأزمت عليهم أيام حياتهم و عظمت مشكلاتهم مع ضعف أعتقادهم فى أسلامهم فهم لا يملكون من دينهم إلا الأسم و منبهرين بحياة الغرب لما فيها من سعة و تطور و تقدم و تحضر و رسخ فى آليات تفكيرهم أن الحل لكل ما هم فيه و يعانون منه هو أتباع الأفكار و الآراء الغربية حتى يصلوا إلى حل لكل قضية مستعصية لديهم .
و ذهبت إليهم أخاطبهم قائلاً << أستغفروا  ربكم أنه كان غفاراً يرسل عليكم السماء مدراراً و يمددكم بأموال و بنين و يجعل لكم أنهاراً >> و أنصحكم بتحويل ما أنتم فيه من جوع إلى عبادة بالصوم فإن الله تعالى يحب العبد الصابر على النوازل و المتقرب إليه بالنوافل و إذا أحب الله عبداً كان سمعه الذى يسمع به و بصره الذى يبصر به و يده التى يبطش بها و عندئذ يتحول العبد إلى عبداً ربانياً يقول للشئ كن فيكون . فهل أنا فى ذلك الخطاب سيكون عندى ملائمة و موائمة للقول و الحدث و الظرف و الزمان ؟
بالقطع لا و أن كان ظاهر خطابى أنه جوهر الدين و عظيم القيم و بلسم لكل مصائب الدهر و مغنم لما بعد الموت و هذا لأن أنفعال و أقوال هؤلاء الناس معى سيكون على نحو من الأستهجان و الرفض و أحياناً السب فمنهم من سيقول أهذا الذى تقول فيه سد جوعنا و أنت عندك ما يكفيك و يكفينا أذهب إلى الجحيم بتأسلمك الذى تريد أن تفرضه علينا و حالك غير حالنا و أنت ما تريد إلا أن تكون صدر مجتمع بفكرك و رأيك المفروض قهراً علينا و لن يجلب لنا شئ لأنه لا يصلح لزماننا و منهم من سيكون جدلى منطقى و يقول نحن مسلمون و الله لن يرضى لنا عذاب الجوع و يأمرك بالكرم و الأطعام و نحن نشك فى تدينك و على هذه الوتيره ستكون ردود الأفعال .
و هذا ما حدث منتسب حزب النهضة التونسى حينما أعلن فى الجمعية التأسيسية أنه يريد تطبيق حد الحرابة على كل من يتظاهر و يعتصم و يجر بفعله هذا ضرر على أقتصاد البلاد أو تعطيل أنتاج أو تخريب مستنداً فى ذلك لآية فى سورة المائدة تصف المفسد فى الأرض و جزائه و لمجرد أنه قال ذلك و لم يفعل قامت الدنيا داخل تونس و خارجها لمنتسبى أفكار و آراء غير تلك النابعة من الهوية الأسلامية و هذا طبيعى و منطقى منهم لأن خطاب صاحبنا لم يلائم أو يوائم الناس و المكان و الظرف و الزمان و من على شاكلة صاحبنا هذا كثر يضرون أنفسهم و أسلامهم و دينهم و معتقدهم  لأنهم لا يخاطبون الناس على قدر عقولهم و لا يدعون إلى سبيل الله بالحكمة و الموعظة الحسنة إذاً  المسؤل عن التصيد لتصريحات الأسلاميين هم الأسلاميين أنفسهم قبل من يرفوضونهم و يخالفونهم الأفكار و المبادئ لذا يجب على أهل الخطاب الأسلامى أن يكون لديهم الكثير من الكياسة و الفطنة قبل أن يلقوا بالكلمة التى قد يتلقفها متصيد طاعن فى الأسلام و الأسلاميين و لا يكون الخطاب الأسلامى المجرد إلا لأناس أنشرح صدرهم للأسلام سيقبلون المفهوم من الخطاب و يناقشون ما لم تطمأن له نفوسهم و أقناعهم سيكون سهلاً دون لغط أو آثار جانبية نحن فى غنى عنها و أن كان الضرر أو الأذى الذى قد يلحق بالتيار الأسلامى لن يزيد عن كونه صخب فى وجه تيار قادم من ربيع عربى و تتوطد أركانه رغم أنف الكارهون

ليست هناك تعليقات: