الجمعة، 3 ديسمبر 2010

                  قصص اليهود فى القرآن
                         طالوت ملكا
و فى هذه القصة لم يذكر العلامة بن كثير شيئ عن انها من الاسرائيليات الا فى نهايتها و فيها كان بنو اسرائيل بعد موسى عليه السلام على طريق الاستقامة مدة من الزمان ثم احدثوا الاحداث و عبد بعضهم الاصنام و لم يزل بين اظهرهم من الانبياء من يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يقيمهم على منهج التوراة الى ان فعلوا ما فعلوا فسلط الله عليهم اعداءهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة و اسروا خلقا كثيرا و اخذوا منهم بلاد كثيرة و لم يكن احد يقاتلهم الا غلبوه وذلك انهم كان عندهم التوراة و التابوت الذى كان فى قديم الزمان و كان ذلك موروث لخلفهم عن سلفهم الى موسى الكليم عليه الصلاة و السلام فلم يزل بهم تماديهم على الضلال حتى استلبه منهم بعض الملوك فى بعض الحروب و أخذ التوراة من ايديهم و لم يبق من يحفظها فيهم الا قليل و انقطعت النبوة من اسباطهم و لم يبق من سبط  لاوى الذى يكون فيه الانبياء الا امرأة حامل من بعلها و قد قتل فأخذوها فحبسوها فى بيت و احتفظوا بها لعل الله عز و جل يرزقها غلاما يكون نبيا لهم و لم تزل المرأة تدعو الله عز و جل ان يرزقها غلاما فسمع الله لها  و وهبها غلاما فسمته شمويل اى سمع الله و منهم من يقول شمعون و هو بمعناه فشب ذلك الغلام و نشأ فيهم و انبته الله نباتا حسنا فلما بلغ سن الانبياء أوحى الله اليه و أمره بالدعوة اليه وتوحيده فدعا بنى اسرائيل  فطلبوا منه ان يقيم لهم ملكا يقاتلون معه اعداءهم و كان الملك ايضا قد باد فيهم فقال لهم النبى هل عسيتم ان أقام الله لكم ملكا ان تفوا بما التزمتم من القتال معه " قالوا و ما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا و ابنائنا " اى أخذت منا البلاد و سبيت الاولاد فعين النبى لهم طالوت و كان رجلا من اجنادهم و لم يكن من بيت الملك فيهم لان الملك فيهم كان فى سبط يهوذا و لم يكن طالوت من هذا السبط فلهذا قالوا " أنى يكون له الملك علينا "  اى كيف يكون ملك علينا  "و نحن احق من الملك منه ولم يؤت سعة من المال " اى ثم هو مع هذا فقير لا مال له يقوم به الملك وذكر بعضهم انه كان سقاء و قيل دباغا و هذا اعتراض منهم على نبيهم و تعنت و كان الاولى بهم طاعة و قول معروف و قد اجابهم النبى قائلا " ان الله اصطفاه عليكم " اى اختاره لكم من بينكم و الله اعلم به منكم (و من ها هنا ينبغى ان يكون الملك ذا علم و شكل حسن و قوة فى بدنه ونفسه) ثم قال النبى                  " و الله يؤئى ملكه من يشاء " اى هو الحاكم الذى ما شاء فعل و لا يسأل عما يفعل و هم يسألون لعلمه و رأفته بخلقه و لهذا قال  "و الله واسع عليم" اى هو واسع الفضل يختص برحمته من يشاء عليم بمن يستحق الملك ممن لا يستحق  وقال النبى ان علامة بركة ملك طالوت عليكم ان يرد الله عليكم التابوت الذى اخذ منكم فقد كان التابوت باريحا و كان المشركون لما اخذوه وضعوه فى بيت آلهتهم تحت صنمهم الكبير فاصبح التابوت على رأس الصنم فأنزلوه فوضعوه تحته فأصبح كذلك فسمروه تحته فأصبح الصنم مكسر القوائم ملقى بعيدا فعلموا ان هذا امر من الله لا قبل لهم به فأخرجوا التابوت من بلدهم الى قرية من قرى فلسطين يقال لها  أزدراد  فأصاب اهلها  داء فى رقابهم فأمرتهم جارية من سبى بنى اسرائيل ان يردوا التابوت الى بنى اسرائيل حتى يخلصوا من هذا الداء فحملوه على عجلة يجرها بقرتنا  تسوقهما الملائكة فسارتا به لا يقربه احد الا مات حتى اقتربا من بلد من بلدان بنى اسرائيل و جاء بنو اسرائيل فأخذوه و قيل انه تسلمه داود عليه السلام و انه لما قام اليه حجل من فرحه بذلك و جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء و الارض حتى وضعته بين يدى طالوت و الناس ينظرون و كان فى التابوت  السكينة و عصا موسى و عصا هارون و ثياب موسى و ثياب هارون و رضاض الالواح و التوراة و اصبح  طالوت ملك بنى اسرائيل و خرج فى جنوده و من اطاعه من ملأ بنى اسرائيل و كان جيشه يومئذ ثمانين ألفا و قال "ان الله مبتليكم بنهر" اى مختبركم بنهر و هو النهر الذى بين الاردن و فلسطين "فمن شرب منه فليس منى" اى فلا يصاحبنى اليوم فى هذا الوجه "ومن لم يطعمه فانه منى الا من اغترف غرفة بيده" اى فلا بأس عليه و قال الله تعالى "فشربوا منه الا قليلا منهم" قيل انه من شرب سته و سبعون الفا و تبقى اربعة آلاف "فلما جاوزه هو و الذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت و جنوده" اى استقلوا انفسهم عن عدوهم لكثرته فشجعهم علماؤهم العالمون بان وعد الله حق فان النصر من عند الله ليس عن كثرة عدد و عدة و لهذا قالوا "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرةباذن الله و الله مع الصابرين" و لما واجه حزب الايمان و هم قليل من اصحاب طالوت لعدوهم  اصحاب جالوت و هم عدد كثير قالوا "ربنا افرغ علينا صبرا و ثبت اقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين" اى يا رب انزل علينا الصبر و ثبت اقدامنا و جنبنا الفرار و العجز "فهزموهم باذن الله" اى غلبوهم و قهروهم بنصر الله لهم "وقتل داود جالوت" و ذكر فى الاسرائيليات ان داود قتل جالوت بمقلاع كان فى يده رماه به فاصابه فقتله و كان طالوت وعد داود ان قتل جالوت ان يزوجه ابنته و يشاطره نعمته و يشاركه فى امره فوفى له ثم آل الملك الى داود عليه السلام مع ما منحه الله له من النبوة بعد شمويل    

ليست هناك تعليقات: