الخميس، 2 يونيو 2011

قصة أيوب عليه السلام

يذكر تبارك وتعالى عبده ورسوله أيوب عليه الصلاة والسلام وما كان أبتلاه تعالى به من الضر في جسده وماله وولده حتى لم يبق من جسده مغرز إبرة سليما سوى قلبه ولم يبق له من الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه و لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين كانا من أخص أخوانه به كانا يغدوان إليه ويروحان
 فقال : - أحدهما لصاحبه تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين
قال : - له صاحبه وما ذاك قال منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله تعالى فيكشف مابه فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له
فقال : - أيوب عليه الصلاة والسلام لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله تعالى فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله تعالى إلا في حق
و كانت زوجته حفظت وده لإيمانها بالله تعالى ورسوله فكانت تخدم الناس بالأجرة وتطعمه وتخدمه نحواً من ثماني عشرة سنة وقد كانت من قبل ذلك في مال جزيل وأولاد وسعة طائلة في الدنيا فسلب جميع ذلك حتى آل به الحال إلى أن ألقي على مزبلة من مزابل البلدة هذه المدة بكمالها و زوجته رضي الله عنه فإنها كانت لا تفارقه صباحا ومساء إلا بسبب خدمة الناس ثم تعود إليه قريباً فلما طال المطال وأشتد الحال وأنتهى القدر وتم الأجل المقدر تضرع إلى رب العالمين وإله المرسلين فقال « إني مسني الضر وانت أرحم الراحمين » و كان قد مس بنصب في بدنه وعذاب في ماله و ولده وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم أبطأ عليها فأوحى الله تبارك وتعالى إلى أيوب عليه الصلاة والسلام أن « اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب »و أستجاب له أرحم الراحمين وأمره أن يقوم من مقامه وأن يركض الأرض برجله ففعل فأنبع الله تعالى عينا وأمره أن يغتسل منها فأذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخرى فأنبع له عينا أخرى وأمره أن يشرب منها فأذهب جميع ما كان في باطنه من السوء وتكاملت العافية ظاهراً وباطناً و بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب عليه الصلاة والسلام يحثو في ثوبه فناداه ربه عز وجل يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى

فقال : - أيوب عليه الصلاة والسلام بلى يارب ولكن لاغنى بي عن بركتك
 فاستبطأته زوجته فألتفتت تنظر فأقبل عليها و قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان فلما رأته






قالت : - أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى ؟ فوالله القدير على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا
فقال : - فإني أنا هو وكان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله تعالى سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر الشعير « ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب » أى أحياهم الله تعالى له بأعيانهم وزادهم مثلهم معهم جزاء من الله تعالى على صبره وثباته وتواضعه واستكانته و ذلك عبرة و عظة لذوي العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج والمخرج والراحة  و كان أيوب عليه الصلاة والسلام قد غضب على زوجته ووجد عليها في أنها ذهب ذات يوماً للعمل فلم تجد عملاً فباعت ضفيرتها بخبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربها مئة جلدة فلما شفاه الله عز وجل وعافاه فما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تقابل بالضرب فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثا وهو الشمراخ فيه مئة قضيب فيضربها به ضربة واحدة وقد برت يمينه وخرج من حنثه ووفى بنذره وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله تعالى وأناب إليه ولهذا قال جل وعلا « إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب » أثنى الله تعالى عليه ومدحه بأنه « نعم العبد إنه أواب » أي رجاع منيب ولهذا قال جل جلاله « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا » وأستدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الأيمان وغيرها وقد أخذوها بمقتضاها والله أعلم بالصواب

ليست هناك تعليقات: