الخميس، 13 أكتوبر 2011

ثوار أحرار و لسنا عبيد


ثوار أحرار و لسنا عبيداً

بقية الحديث ..... لقد أقترح الشريك الكورى ذات يوم أن يكون لمصنعنا معرض دائم لمنسوجاتنا و مرافق لها ملابس أطفال و حريمى و رجالى ذات تصاميم تتماشى مع الذوق العام فى أمريكا من نسيجنا فرحب الشريك المصرى الذى أنبرى بعرضه أن بأستطاعته تعيين خياطين و ترزية من أصحاب الخبرات الطويلة فى مصر و أنشاء مصنع كامل للملابس الجاهزة فعقب الشريك الكورى بأن لديه ثلاث مصممين ملابس أندونيسيين من أصحاب الخبرة و الأحتكاك العالمى فى المجال المطلوب كما أنه لديه خبير نسيج عالمى مبدع مبتكر سيستدعيه من مصانعه فى كوريا ليساعدنا فى أنتاج نوعيات جديدة من النسيج تجذب الأسواق إلى منتجاتنا و لكم تعيين ما تشاءون و لتكن البداية ورشة ملابس جاهزة و بعد الأنطلاق يكون المصنع و وصول الخبير الكورى الذى كلفت بمصاحبته و تذليل عقبات الماكينات له و تلبية طلباته و قد كان الرجل بحق ذكى نشيط متقن مبدع ففى خلال شهر جهز تصميم نسيج بسداه و لحمات لم نراها من قبل و بدأ أنتاج هذا النوع من النسيج الذى يقبل الصباغة فى أجزاء منه و لا يقبلها فى أجزاء أخرى كما أنه يقبل الطباعة فى أجزاء منه و لا يقبلها فى أجزاء أخرى و المنتج النهائى له بريق و لمعان و متانة و فوق ذلك يقاوم الحريق فكم كان أعجابنا جميعاً بهذا المنتج و دخل ورشة تفصيل الملابس الجاهزة التى عين فيها أصحاب محلات على راتب700 جنيه مصر وقبلوا العمل على مضض لقلة الطلب على التفصيل فى محلاتهم لصعوبة أحوال المعيشة و أنخفاض سعر الجاهز عن التفصيل و توجه المستهلك لما يفى بالغرض و أنصرافه عن الأناقة و لكن العاملين بذلوا جهدهم و أعتبروا عملهم بداية يرجى من ورائها خير بعد الأنطلاق و نجاح المشروع فقد تتحسن رواتبهم و بالفعل جهزت الملابس و أثواب النسيج و شحنت بالبحر إلى أمريكا و بعد شهرين عادت كل الملابس مرفوضة فأصابتنا الحسرة و الذهول و سألنا ما السبب فكان الجواب أن الدبابيس التى غلفت بها الملابس صدأت من رطوبة البحر و تركت أثر فى الملابس فأصبح من العسير عرضها أو بيعها و هنا صرخ خبير النسيج الكورى يشكو من ألم شديد فى بطنه فحملته على الفور إلى المستشفى الذى قرر فيه الأطباء أجراء جراحة أستأصال زائدة دودية فوراً و تمت الجراحة بنجاح و أنا أتردد على الخبير الكورى فى المستشفى الذى قال لى لقد كنت رفيقى فى العمل و لكن بعد المستشفى أنت صديقى و لذا فأننى سأبوح لك بسبب مغادرتى مصر و عدم عودتى إليها مطلقاً  فيا صديقى لقد قدمت إليكم و بداخلى عزم و أرادة على الأبداع و تقديم الجديد من أجل صاحب المصنع و من أجل العاملين و من أجل تأكيد ذاتى فى مجالى و ممارسة النجاح و لكن سوء أخلاق من أشترى دبابيس التغليف ضربتنى فى مقتل و أهدرت جهدى و أبداعى و أبتكارى و جهد جميع فريق العمل يا صديقى أن بلدكم فيه القليلين من منعدمى الأخلاق و الأخلاص و لكنهم متغلغلين و متمكنين  و أنا لن أسلم نفسى لهم و سوف أرحل و هنا شرد بذهنى إلى مدير المشتريات الذى كان يردد دائماً أن البلد لا تعطى أحداً حقه و الفهلوى و الشاطر الذى يستطيع أن يستخلص حقه دون أن يلحق به أذى فلقد أشترى صنف الدبابيس المطلوب أسماً و لم يراعى الجودة و حرص على العمولة لنفسه و هكذا كانت الأحداث و النتائج و نبهنى صديقى الخبير الكورى من شرودى و أبتسم لى مداعباً و قال لى إليك طعنة أخرى من بلادكم فقلت له بمرارة هات ما عندك فقال أتذكر أيام أن كنت تصحبنى فى الأجازات للسياحة فى القاهرة و على الأخص وسط البلد فقلت له نعم ماذا فى ذلك ؟ فقال فترينات عرض الأحذية الفخمة و الزجاج النظيف و الأضاءة المبهرة و فى المقابل حينما كنت تأخذنى لأكل الكباب و الفشة و المنبار فى الأحياء الشعبية و اللحم الذى يؤكل معلق فى الهواء الطلق تهيل عليه الأدخنة و الغبار الثائر من حركة السيارات فعجباً لمنطق تفكيركم فما يطأ به الأرض توفرون له كل وسائل العناية و الرعاية و ما يتصل بصحتكم و تغذيتكم لا تعيرونه أدنى أهتمام لا تزعل منى يا صديقى أن هذا مؤشر عام على مجتمع بأكمله يعانى من تضارب المنطقيات و خلل فى وضع الأمور فى وضعها الصحيح أخلاقأأأ  

ليست هناك تعليقات: